طفلك في بداية حياته بيكون مرتبط بيكي جدًا، فامتى يكون الارتباط دا طبيعي؟ وامتى يكون مرضي؟
بشكل عام هنلاقي إن قلق الانفصال عند الأطفال الصغار أو الرُضع بيحصل بصورة طبيعية في الفترة ما بين 6 شهور إلى 3 سنوات، فبيتمسك الطفل بأمه أو أبوه، وبيعيط لو غابوا عن عينيه.
لكن استمرار الحالة دي لأبعد من كدا، سواء بعد دخول الطفل للروضة أو المدرسة، أو وصوله لفترة المراهقة، بيروح بينا لنقطة مختلفة، لإن الحالة دي بتخلي الطفل يخاف يروح المدرسة، ويمتنع عن اللعب مع الأطفال التانيين.
وبالتالي ما بيقدرش يمارس حياته بشكل طبيعي، وهو دا اللي بنسميه اضطراب قلق الانفصال عند الأطفال.
وفي المقال دا، هنتكلم عن تفاصيل أكتر بخصوص النوع دا من الاضطرابات، وهنذكر أسباب اضطراب قلق الانفصال، وأعراضه، وطريقه تشخيصه، وكيفية علاجه.
ما هو اضطراب قلق الانفصال عند الأطفال؟
اضطراب قلق الانفصال (Separation Anxiety Disorder) هو أحد أنواع اضطرابات القلق اللي ممكن تصيب الطفل في سن صغير، وبتشير إلى الخوف المُفرط من الابتعاد عن البيت، أو عن الأشخاص اللي الطفل متعلق بيهم، واللي بيكونوا في المرحلة دي هما أبوه وأمه.
وبتحصل الحالة دي بشكل طبيعي في أول 3 سنين من عمر الطفل، وبعدها بيبدأ يتفهّم تدريجيًا ضرورة ابتعاد أحد الوالدين عنه لفترة من الزمن، وبعدها يرجعله تاني، لكن استمرار الحالة دي لبعد سن الـ 3 سنين بيكون مؤشر على احتمالية إصابته باضطراب قلق الانفصال عند الأطفال.
وبيظن البعض إن الاضطراب دا بيدل على ضعف شخصية الطفل، واعتماديته على أهله بعد كدا في المستقبل، لكن على العكس تمامًا، هنلاقي إن قلق الانفصال ممكن يكون علامة على زيادة استقلالية الطفل، وتكوين رأيه الشخصي، لإنه في الموقف دا بيكون عايز يسيطر على والديه، ويمنعهم عن الابتعاد عنه.
كمان الإحصائيات بتقول إن قلق الانفصال عند الأطفال هو أشهر نوع من أنواع اضطرابات القلق اللي ممكن تصيب الطفل، ودا هنشوفه في تقرير “Boston Children`s Hospital” اللي قالت فيه إن حوالي 4% من الأطفال حوالين العالم بيعانوا من قلق الانفصال.
أسباب اضطراب قلق الانفصال عند الأطفال
بتتعدد العوامل اللي بتأثر في زيادة حالات القلق من الانفصال عند الأطفال ما بين عوامل بيئية، أو وراثية، أو عوامل أخرى، واللي بدورها بتتسبب في زيادة القلق دا ووصوله لمرحلة الاضطراب، اللي بيتطلب رعاية وعلاج، فمن أهم أسباب اضطراب قلق الانفصال عند الأطفال، بنلاقي:
- ضغوط الحياة الصادمة، زي وفاة أحد أفراد الأسرة، أو فقدان حيوان أليف، أو طلاق الوالدين .. إلخ.
- التعرض للتنمر وسوء المعاملة، ودا بيأدي لظهور علامات الاضطراب على الطفل فجأة.
- معاناة الطفل من اضطرابات قلق تانية، زي: نوبات الهلع، أو اضطراب القلق الاجتماعي.
- ترحيب الأسرة بمولود جديد، لإن الطفل في الحالة دي بيفتكر إن اهتمام والديه بيه هيقل.
- شخصية الطفل الخجولة ممكن تأدي لإصابته باضطراب قلق الانفصال عند الأطفال.
- تاريخ العائلة الوراثي مع الإصابة بالاضطراب دا، أو أي اضطرابات نفسية تانية.
- التغيير المفاجئ في حياة الطفل، زي: الانتقال لبيت جديد، أو تغيير المدرسة.
- مبالغة الآباء في حماية الطفل، أو محاولتهم للتسلط عليه.
- الشعور بالضغط النفسي اللي بيعاني منه الوالدين.
- جلب مربية جديدة للطفل، واضطراره للتعود عليها.
قلق الانفصال الطبيعي غالبًا بيتلاشى مع نمو الطفل تدريجيًا، لكن محاولة الوقاية من الاضطراب دا عن طريق زيادة استقلالية الطفل في سن مبكر ممكن تأثر عليه بشكل سلبي، وتتسبب في عودة قلق الانفصال للطفل من جديد.
وعشان كدا بننصحك تسيب الطفل ينمو بشكل طبيعي جدًا، بدون أي تدخل مُبالغ فيه.
اقرأ كمان عن أهم الاحتياجات النفسية للطفل.
أعراض وعلامات اضطراب قلق الانفصال عند الأطفال
في فرق كبير بين بكاء الطفل الطبيعي بتاع كل يوم الصبح عشان مش عايز يروح المدرسة، وبين أعراض قلق الانفصال، لإن الموضوع بيكون أكبر من كدا بكتير، وبيبدأ بمجرد تفكير الطفل في احتمالية ابتعاده عن أحد والديه.
وبتختلف طبيعة الأعراض دي من طفل للتاني، لكن هنتكلم دلوقت عن أشهر أعراض قلق الانفصال عند الأطفال، واللي هي:
- خوف الطفل الدائم على سلامة والديه، وقلقه من إصابتهم بأي أذى، زي الأمراض، أو الوفاة.
- رفض الطفل للقيام بأي أنشطة، واستمراره في نوبة الغضب لحد ما والديه يرجعوا تاني.
- التمسك الشديد للطفل بوالديه عند محاولة الابتعاد عنه، ورفضه للانفصال عنهم.
- البكاء الشديد، والدخول في نوبات من الغضب الحاد، والتوسل لوالديه بعدم تركه.
- الإمساك بقوة في جسم أحد الوالدين، أو ملابسه، لإقناعه بعدم المغادرة.
- الخوف من الإصابة بالأمراض، خصوصًا لو حد من والديه هيخرج بره البيت.
- المعاناة من بعض الأعراض الجسدية زي: الصداع، والقيء، والمغص.
- التحايل المستمر للغياب عن المدرسة، خوفًا من الابتعاد عن والديه.
- خوف الطفل من تعرضه للضياع أو الاختطاف في حالة غياب والديه.
- رفض النوم بمفرده، والمعاناة من كوابيس بتأدي لصعوبة النوم.
- الامتناع عن المشاركة في اللعب مع الأطفال التانيين.
- القلق والاستيقاظ ليلًا، بحثًا عن الراحة، والطمأنينة.
- صعوبة التأقلم والتكيف مع أي بيئة جديدة عليه.
- رفض التعامل مع أي مربية جديدة.
- التبول اللاإرادي أثناء النوم.
من بين كل الأعراض اللي اتكلمنا عنها هنلاقي إن حوالي 75% من المصابين باضطراب قلق الانفصال عند الأطفال بيرفضوا الذهاب إلى المدرسة، أو بيتحايلوا على الأمر عن طريق إدعاء المرض مثلًا، وإن من 50 لـ 75% منهم بيكونوا من عائلات ذات وضع اجتماعي واقتصادي منخفض.
اقرأ كمان: كيفية ترغيب الطفل في الروضة
كيفية تشخيص اضطراب قلق الانفصال؟
بيتضمن تشخيص اضطراب قلق الانفصال عند الأطفال تحديد إذا كانت الأعراض اللي بيمر بيها الطفل هي أعراض طبيعية لسنه، ولا أعراض بتشير لمعاناته من أحد الاضطرابات.
وبعد استبعاد الاضطرابات النفسية المشابهة، بيشخص الطبيب النفسي حالة الطفل بإصابته بالاضطراب دا عن طريق بعض المعايير البسيطة، زي:
- شدة قلق الطفل لدرجة تتداخل مع أداء مهامه اليومية، زي: الذهاب للمدرسة، أو اللعب مع الأطفال.
- شعور الطفل بقلق مُبالغ فيه، مش بيتناسب مع موقف الانفصال.
- استمرار الأعراض اللي اتكلمنا عنها لمدة لا تقل عن 4 أسابيع.
- التأثير سلبًا على بقية أفراد الأسرة.
اقرأ: كيفية التعامل مع الطفل المريض نفسيًا
علاج اضطراب قلق الانفصال عند الأطفال
بعد ثبوت تشخيص إصابة الطفل بالاضطراب دا، بيجي دور مرحلة العلاج، واللي بتنقسم لجزئين رئيسيين:
1- العلاج النفسي
دا الجزء الأهم في علاج النوع دا من الاضطرابات، وبتتعدد الأنواع المستخدمة فيه، زي: العلاج النفسي بالتحدث الودي مع الطفل، وخلق مساحة آمنة ليه عشان يتكلم ويعبر عن كل حاجة بتخوفه، ومساعدته على التغلب على هواجس الانفصال عن والديه.
كمان من الطرق الفعّالة جدًا في العلاج النفسي لاضطراب قلق الانفصال عند الأطفال هو العلاج السلوكي المعرفي، واللي بيدرب الطفل على كيفية التغلب على قلقه في مواقف الانفصال، وغالبًا بيشارك الوالدين في الجلسات اللي من النوع دا مع أطفالهم.
العلاج النفسي بيتضمن كمان نوع من العلاج التفاعلي بين الوالدين والطفل، فبيدرب الطبيب الآباء على مهارات معينة يطبقوها مع أطفالهم في الحياة اليومية، وكل دا بيشير طبعًا لضرورة مشاركة الوالدين في الأنشطة العلاجية دي، لإن ليهم دور أساسي في مساعدة الطبيب في علاج الطفل بسرعة.
2- العلاج الدوائي
بجانب كل الأنشطة المستخدمة في العلاج النفسي لقلق الانفصال عند الأطفال، بنحتاج في أوقات معينة إننا نلجأ للعلاج الدوائي، زي: مضادات الاكتئاب، أو مضادات القلق، واللي بيوصفها الطبيب لعلاج الحالات الشديدة المصابة بقلق الانفصال.
نصائح لتخفيف أعراض قلق الانفصال عند الأطفال والتعامل معاه
توعية وتثقيف الآباء بخصوص الطرق اللي ممكن يساعدوا بيها أطفالهم المصابين بالاضطراب دا حاجة ضرورية جدًا، نظرًا لدورهم الحيوي في علاج الطفل، ودي شوية نصائح وإرشادات عشان تعرف تتعامل مع طفلك بشكل أحسن:
- بلغ مدرسته بحالة الطفل، وطريقة التعامل معاه، عشان يسمحولك بزيارته خلال اليوم الدراسي.
- شجع طفلك على المشاركة في أنشطة اجتماعية ورياضية، لتكوين الصداقات، وتخفيف القلق.
- حدد المواقف اللي بتسبب خوف وقلق للطفل، وحاول تهيئه نفسيًا قبلها عشان يتخطاها.
- اشغل وقته بألعاب مرحة يكون بيحبها، خصوصًا في الأوقات اللي محتاج تبعد عنه فيها.
- حط روتين ثابت لحياة الطفل اليومية، لإن دا بيديله أمان أكتر، وبيقلل خوفه من المجهول.
- انتبه لطفلك في التجمعات الكبيرة، وبلاش تخليه يتفاعل مع غيره من الأطفال بالقوة.
- احضن طفلك، وقبّله بشكل مستمر خلال اليوم، عشان يزيد الترابط العاطفي بينكم.
- امدح طفلك، وكافئيه لما يعمل سلوك إيجابي خلال اليوم، أو يتقدم في العلاج.
- حافظ على هدوئك عند وداع الطفل، وخلي لحظات الوداع تكون قصيرة.
- ساعد طفلك على الاستقلالية، بس طبعًا بما يتناسب مع سنه.
- اسمع لطفلك، واسمح له يعبر عن مشاعره، واحترمها.
- بلغ طفلك قبل إجراء أي تغيير على روتينه اليومي.
اطلع على: أنشطة ممتعة ومفيدة لاستغلال العطلة الصيفية للأطفال.
الخلاصة
قلق الانفصال عند الأطفال هو مرحلة طبيعية بيمر بيها أي طفل في بداية حياته، لكن استمرارها لفترة طويلة بيحولها لنوع مشهور من اضطرابات القلق، اللي بتحصل بسبب عوامل وراثية، وجينية، أو عوامل بيئية مختلفة، لكن في النهاية ممكن نتغلب على الاضطراب دا.
بس عشان تتغلب عليه هتحتاج لفترة من الصبر، والتفهم، والدعم المستمر للطفل، ومعاملته برفق، عشان يخرج من الفترة دي بسلام، ودا لإن دور الأم والأب هنا حيوي جدًا في مساعدة الطبيب النفسي في كل مراحل علاج الطفل.
كمان عشان تعرف تتعامل مع أعراض اضطراب قلق الانفصال عند الأطفال بتحتاج تبلغ مدرسة الطفل بحالته، وتطلب منهم يسمحولك بالتواصل معاه خلال اليوم االدراسي، وكمان تشجعه على المشاركة في أنشطة المدرسة الاجتماعية، والرياضية، عشان يكون صداقات جديدة، ويقلل من خوفه، وقلقه.
أضف تعليق