في وسط الزحمة والمشاكل اللي ممكن تحصل بين الزوجين، ساعات بيكون الطلاق هو الحل الأخير، بس لو نسينا نركز على حاجة مهمة جدًا، هنلاقي نفسنا بنضر أعز ناس لينا من غير ما نقصد “أطفالنا الصغيرين”.
والحقيقة إن الطلاق والأطفال الصغار علاقة معقدة وصعبة، لأن الطفل في السن دا مش فاهم الدنيا ماشية إزاي، وبيحس بخوف وقلق وحيرة كبيرة.
عشان كدا، لازم كل أب وأم يعرفوا كويس إزاي يتعاملوا مع ولادهم بعد الطلاق، وإيه الخطوات اللي هتحمي نفسية الطفل وتخليه يطلع من التجربة دي سليم وواثق إن الحب والأمان عمرهم ما هيروحوا.
في المقال دا، هنتكلم عن تأثير الطلاق على نفسية الأطفال الصغار، وهنعرف إزاي نساعدهم يتخطوا المرحلة دي بهدوء واحتواء.
الطلاق والأطفال الصغار: مش دايمًا الدنيا مثالية
مهم نعرف إن الطلاق أو الانفصال مش معناه إن الأسرة انتهت، لكنها اتحولت لشكل تاني، في أسر كتير مش مبنية على وجود أب وأم عايشين مع بعض.
وممكن يكون الطفل عايش مع طرف واحد (أمه أو أبوه)، أو يكون في أسرة جديدة فيها إخوات من زيجات سابقة، أو حتى بيتربى مع جده وجدته أو حد كبير من العيلة.
كل دي أشكال أسر عادية، والمهم فيها إن الطفل يحس بالأمان والحب.
المهم إنكم تفهموا إن الطفل علشان يستقبل الوضع الجديد بيمر بمراحل معينة لحد ما يتكيف على الوضع دا، والمراحل دي بتتلخص في:
المرحلة الأولى (الفترة الحادة)
دي بتحصل لما يكون الأهل لسه واخدين قرار الطلاق أو حتى قبل ما يحصل رسمي؛ بتبقى مرحلة صعبة جدًا، والقلق والخوف بيبقوا في أعلى درجاتهم، وفي الأغلب المرحلة دي ممكن تستمر حوالي سنتين.
المرحلة الانتقالية
دي الفترة اللي حوالين الطلاق الفعلي، وفيها الطفل بيبدأ يتعود على الوضع الجديد:
- العلاقة الجديدة بين أبوه وأمه.
- السكن هيكون فين.
- الزيارات.
مرحلة ما بعد الطلاق
دي المرحلة اللي بيبدأ فيها نوع من الاستقرار يرجع تاني، والطفل يبدأ يتقبل التغيرات واحدة واحدة.
إيه المشاعر اللي ممكن يحس بيها الطفل؟
ولإن الطلاق والأطفال الصغار علاقة مرتبطة وبتأثر بشكل كبير عليهم؛ ففي الغالب، الطفل بعد الطلاق بيعدي بمشاعر كتير زي:
- إحساس بالوحدة أو إنه مرفوض.
- رغبة إنه يصلح بين الأب والأم.
- التراجع في الدراسة.
- صعوبة في النوم.
- الحزن والضياع.
- الخوف والقلق.
بس لازم نعرف إن مش كل طفل بيحس بكل المشاعر دي، وكمان شدة الإحساس بتختلف من طفل للتاني.
يعني فيه أطفال بيتأثروا بسرعة جدًا، وفيه اللي بياخد وقت أطول عشان يستوعب التغيير.
اتعرف على: الاحتياجات النفسية عند الطفل.
الطلاق والأطفال الصغار: هل التأثير بيختلف على حسب عمر الطفل؟
لما بيحصل الطلاق أو الانفصال بين الأب والأم، الطفل بيتلخبط جدًا وبيبدأ يحس إن حاجات كتير حواليه مبقاش ليها معنى.
في الوقت دا؛ ممكن تحصيله الدراسي يقل، لأنه بيبقى مشغول بمشاعره وقلقه أكتر من أي حاجة تانية.
كمان في أطفال بتبقى عندهم أوهام إن بابا وماما هيرجعوا لبعض، ودا بيخليهم مش قادرين يتقبلوا الواقع بسرعة.
فبنلاقي تأثير الطلاق بيختلف حسب سن الطفل:
الأطفال من 2 لـ 5 سنين
الطلاق والأطفال الصغار أقل من سن المدرسة ممكن يظهر عليهم:
- التصرف بشكل أصغر من سنهم زي التبول اللاإرادي.
- الرهبة من الانفصال عن الأهل.
- اضطرابات في النوم.
- تكرار نوبات الغضب.
الأطفال من 5 لـ 12 سنة
في السن دا بيكون الأطفال فاهمين اللي بيحصل، وبالتالي بيتكون عندهم مشاعر كتير، زي:
- الخوف من حاجات مش منطقية.
- العصبية والغضب الشديد.
- الشعور بالحزن والضيق.
المراهقين
الطلاق بيكون تأثيره كبير على المراهقين وبيعرضهم لمخاطر ومشاعر مختلطة، زي:
- اللجوء لسلوكيات غلط زي شرب الكحول، أو تجربة المخدرات، أو التحرش الجنسي، أو حتى السرقة.
- الشعور الدائم بعدم الأمان والوحدة والحزن.
- ظهور اضطرابات الأكل عند المراهقين.
- رفض الذهاب للمدرسة.
النتائج المترتبة على الطلاق
من أصعب الحاجات اللي بتحصل بعد الطلاق والأطفال الصغار إن الأب والأم يقدروا يفضلوا مهتمين بولادهم بنفس القوة، ويشاركوا معاهم في كل حاجة بيحبوها سواء في البيت أو في المدرسة، خصوصًا وهما نفسهم لسه بيتعلموا إزاي يتأقلموا مع حياتهم الجديدة.
وكمان لما الطفل بيكون ما بين بيت أبوه وبيت أمه، لازم يلاقي في كل مكان ركن خاص بيه وحاجات تحسسه بالأمان والاستقرار، زي مكان يذاكر فيه أو ركن يلعب فيه.
ولما الطفل يبدأ يكبر ويبقى وعيه أكبر، مهم إننا نشرح له تفاصيل اللي حصل حوالين الطلاق والأطفال الصغار بطريقة بسيطة تناسب سنه وتخليه يفهم من غير ما يتلخبط أو يلوم نفسه.
ودي أهم النتائج اللي بتحصل للأطفال نتيجة للطلاق:
عدم تقبل الوضع
لو هنتكلم بصراحة، الطلاق والأطفال الصغار بيبقوا علاقة صعبة جدًا، خصوصًا في السنة أو السنتين الأولانيين بعد الانفصال.
الدراسات بتقول إن أغلب الأطفال في الفترة دي بيعدّوا بمشاعر ضيق وغضب وقلق شديد.
بس مع الوقت، كتير منهم بيتعودوا على التغيير اللي حصل في حياتهم، وبيبدأوا يتأقلموا مع الروتين الجديد.
وبالرغم من دا ففي أطفال تانيين بيبقوا مش قادرين ينسوا أو يتقبلوا الوضع، وبتفضل المشاكل معاهم لفترة طويلة، وأحيانًا بتكمل معاهم لما يكبروا.
قلق الانفصال
في الطبيعي، قلق الانفصال بيبقى عند الأطفال الصغيرين جدًا، لما الأم بتبعد عنهم شوية. الطفل بيعيط ويفضل مستنيها؛ الموضوع دا عادة بيخف لما الطفل يعدي سنة ونص.
بس في حالة الطلاق والأطفال الصغار، قلق الانفصال ممكن يرجع يطلع تاني، خصوصًا لما الطفل يحس إن أحد أبويه مش موجود جنبه زي الأول.
الانطواء والعزلة
في أطفال كتير كانوا اجتماعيين وبيحبوا يلعبوا ويشاركوا في كل حاجة حواليهم، لكن بعد الطلاق بيتغيروا تماماََ.
ممكن تلاقي الطفل بقى خجول ومنعزل، مش مهتم بأي حاجة حواليه حتى الهوايات اللي كان بيحبها مبقتش تعنيه.
دا بيحصل بسبب إحساسه إنه مختلف عن باقي الأطفال، وإن شكله مش طبيعي، ودا بيأثر جداََ على ثقته بنفسه.
الاكتئاب
المشاعر اللي بيعدي بيها الطفل بعد الطلاق ممكن تبقى طريق بيوصله للاكتئاب؛ بيبقى جواه خوف كبير من الفقد، إحساس بالوحدة، ويأس إن الدنيا ممكن ماترجعش زي زمان.
وتلاقيه مع الوقت بينسحب من الأنشطة واللعب، ويقعد لوحده كتير.
للأسف، بعض الأطفال اللي فوق 11 سنة – خاصةََ الولاد – ساعات بيوصل بيهم الحال إنهم يفكروا في إيذاء نفسهم.
الغضب المكبوت
في كتير من الحالات، الطلاق والأطفال الصغار بيكون ليه علاقة كبيرة بالغضب.
الأطفال غالبًا بيبقوا غضبانين جدًا لما حياتهم بتتقلب فجأة، والدنيا اللي متعودين عليها بتتغير، والغضب دا مش مرتبط بسن معين، بس بيبان أكتر في فترة المراهقة.
ساعات الطفل بيكون غضبه متوجه للناس حواليه، ويفضل يلوم الأب أو الأم على اللي حصل للأسرة، وساعات بيبقى الغضب جواه، يلوم نفسه ويحس إنه السبب في الطلاق.
تأخر المستوى الأكاديمي
كمان في أطفال كتير بعد الطلاق بتبدأ درجاتهم تقل، وخصوصًا لو الانفصال حصل فجأة ومن غير تمهيد.
في أطفال ممكن ما يقدروش يركزوا خالص في المذاكرة، ويحسوا بالإهمال أو التشتت بسبب المشاكل اللي بين الأب والأم، دا بيبان أكتر في المرحلة العمرية من 13 لـ 18 سنة، وساعات الموضوع بيوصل إن الطفل يسيب المدرسة أو يغيب كتير.
الدخول في أنشطة خطيرة
تبعاََ لدراسة اتنشرت على موقع NIH فإن التفكك الأسري بيوجه بعض الأبناء للكحول أو المخدرات، وخاصةََ الولاد ممكن يبقى عندهم سلوك عدواني ومشاكل مع الناس حواليهم.
عُقدة الطلاق
الآثار النفسية للطلاق مش بس بتأثر على الطفل دلوقتي، دي ساعات بتبقى كابوس بيلاحقه وهو كبير.
تبعاََ لدراسة اتنشرت على موقع NIH أثبتت إن الأشخاص اللي أهلهم انفصلوا بيلاقوا نفسهم بعد سنين بيواجهوا نفس النهاية في علاقاتهم، ودا بيحصل لأن الصراعات والخصام بين الأب والأم بتغير نظرة الطفل للعلاقات عمومًا.
ساعات الطفل لما يكبر بيبقى مش واثق في فكرة إنه يدخل علاقة طويلة، أو يخاف يرتبط بحد عشان ميتكررش نفس الألم اللي شافه.
مشاعر الذنب
واحدة من أكتر المشاعر اللي بتحصل مع الطلاق والأطفال الصغار هي الإحساس بالذنب.
كتير من الأطفال بيسألوا نفسهم:
- ليه حصل الطلاق في بيتنا؟
- هل بابا وماما ما بقوش بيحبوا بعض؟
- ولا يمكن أنا عملت حاجة غلط؟
الإحساس دا بيزود عليهم ضغط نفسي كبير، ودا ممكن يخليهم يدخلوا في اكتئاب أو توتر أو حتى يبان عليهم مشاكل صحية؛ علشان كدا، مهم جدًا نشرح للطفل الموقف كله بهدوء وبطريقة بسيطة، ونأكد له إنه ملوش أي ذنب في اللي حصل.
الكلام الواضح والاحتواء بيفرقوا بشكل كبير في إنه يقدر يتجاوز إحساس الذنب دا.
مشاكل صحية أكتر
التجربة دي مرهقة جدًا للأطفال، ومش بس بتأثر على نفسيتهم، كمان على جسمهم وصحتهم.
الأطفال اللي بيعدّوا بموضوع الطلاق بيبقوا أكتر عرضة للأمراض ومشاكل صحية تانية، والسبب بيكون:
- الشعور بالحزن والاكتئاب.
- القلق والتوتر.
- قلة النوم.
الضغط دا كله بيخليهم يحسوا بتعب مستمر، ويفقدوا إحساسهم إنهم بخير.
إزاي نساعدهم يتخطوا المرحلة دي؟
الأهم في مرحلة الطلاق والأطفال الصغار إننا نديهم مساحة يعبروا فيها عن مشاعرهم.
لازم يكون في شخص كبير بيسمع لهم باهتمام ومن غير ما يزعق أو يضايقهم لو اتكلموا عن اللي جواهم.
الطفل بيحتاج يحس إن في حد بيحبه وبيحتويه، ومش هيتضايق منه لو قال إنه حزين أو خايف.
ودي أهم الطرق اللي هتساعدكم للتخفيف عنهم حدة الانفصال:
التعاون بين الأب والأم مهم جدًا
الأطفال بيتخطوا الطلاق بشكل أفضل لما الأب والأم يتعاونوا مع بعض ويركزوا على مصلحة الولد أو البنت قبل أي حاجة تانية، وافتكروا دايمًا إن الطلاق بيفرقكم كزوجين مش كأب وأم.
عشان كدا لو ينفع:
- اسألوا الطفل نفسه عن رأيه في موضوع الزيارات والترتيبات.
- حافظوا على العلاقة مع عيلة الطرف التاني.
- حاولوا تعيشوا قريبين من بعض.
- اتعاملوا باحترام قدام الطفل.
أما الأطفال الأكبر سنًا والمراهقين محتاجين صوت مسموع في حياتهم، لكن مهم جدًا ما نحطهمش في خانة إنهم يختاروا بين الأب والأم.
كمان ماينفعش نتكلم معاهم عن مشاعرنا السلبية ناحية الطرف التاني، لأن دا بيحملهم فوق طاقتهم.
نصايح مهمة للأهالي وقت الطلاق
z
في وقت الطلاق والأطفال الصغار في شوية حاجات مهمة لو الأهل عملوها هتفرق مع الطفل كتير جدًا:
الكلام مع الأطفال بصراحة وبهدوء
اشرحوا لهم اللي بيحصل بكلام بسيط يقدروا يفهموه من غير ما تحسسوا الطفل إنه السبب.
الحفاظ على جو ودّي ومحترم
حتى لو في خلاف بين الأب والأم خلوه بعيد عن الأطفال.
الاستمرار في الروتين والانضباط
حافظوا على القواعد اليومية زي ما هي، يعني المذاكرة والواجبات والأدب في التعامل مايتغيروش.
توضيح التوقعات
سواء بخصوص المدرسة أو المذاكرة أو شغل البيت، خلوها زي ما كانت قبل الطلاق، عشان الولد يحس إن في حاجات ثابتة حواليه.
فتح باب الحوار
مهم جدًا تشجعوا الطفل إنه يتكلم ويعبر عن اللي جواه، فلو حسيت إنه غضبان مثلًا، ممكن تقول:
“شايف إن موضوع الطلاق مزعلك شوية؟ طب احكيلي أكتر عن اللي مضايقك.”
السؤال عن مشاعره هيساعده يطلع القلق والخوف اللي جواه.
مشاركة المشاعر ببساطة
ممكن تقولوا للطفل “بصراحة إحنا كمان زعلانين من موضوع الطلاق. بس إحنا متأكدين إنه القرار الصح لينا كلنا. ومهما حصل، إحنا هنفضل نحبك ونقف جنبك طول الوقت.”
الطريقة دي بتدي الطفل إحساس بالأمان، وبتخليه يعرف إن الطلاق مش معناه إنه هيتساب لوحده.
وبالذات لو الطفل صغير ممكن يحتاج يسمع نفس الكلام أكتر من مرة عشان يصدق ويحس بالراحة.
إعلام الطفل بأي علاقة جديدة
لما الأب أو الأم يدخلوا علاقة جديدة أو يتجوزوا تاني، دا بيكون صعب شوية على بعض الأطفال.
ممكن يحسوا إنهم بيخونوا الطرف التاني لو حبوا الشريك الجديد.
عشان كدا لازم كل الكبار القريبين من الطفل يتعاملوا معاه بهدوء واحترام، ويأكدوا له إنه مش مجبور يختار حد على حساب حد.
في النهاية، لازم نفتكر إن الطلاق والأطفال الصغار موضوع مش سهل، وكل طفل بيعيش التجربة دي بطريقته وبحساسيته الخاصة.
الأهم إننا كأهل نكون دايمًا سند ليهم، نطمنهم ونسمعهم ونأكد لهم إن الطلاق مش غلطتهم وإن حبنا ليهم ثابت ومش هيتغير.
لو قدرنا نتصرف بحكمة وصبر، ونبعد مشاعر الغضب والخصام عنهم، وندعمهم عاطفيًا ونفسياً، هنساعدهم يعدّوا المرحلة دي بأمان، ويكبروا بثقة في نفسهم وبسلام داخلي.
دايمًا افتكروا إن الكلام الطيب، الحضن الدافي، والاهتمام الصادق هما أكتر حاجة بتطمن الطفل وتخليه يحس إنه مش لوحده مهما كانت الظروف حواليه.
المصادر
How divorce affects children: A full psychological exploration.
أضف تعليق